من الطبيعي للغاية أن تشعر في بعض الأيام بالطاقة والحماس والسعادة والرغبة في العمل وفي بعض الأيام الأخرى قد تشعر برغبة في الاسترخاء وفقدان للطاقة وهذا سلوك يعكس مشاعر طبيعية يشعر بها جميع البشر ولكن هل يمكن أن يتحول ذلك التفاوت في المشاعر إلى مرض؟ و هل الاضطراب الوجداني مرض عقلي ؟ وكيف تتعامل مع حالات الاضطراب الوجداني؟ هذا ما سوف نتحدث عنه في ذلك المقال.
ما هو الاضطراب الوجداني؟
الاضطراب الوجداني هو مرض نفسي له عدة أسماء أخرى مشهورة مثل اضطراب ثنائي القطب أو مرض الهوس الاكتئابي أو البايبولر (Bipolar disorder). أُطلق اسم ثنائي القطب على هذا الاضطراب باعتبار المشاعر المتفاوتة التي يعاني منها المريض.
يمر المريض بنوبات تُسمى الهوس (mania) وهي نوبات من الطاقة الشديدة والحماس والثقة بالنفس ولكنها قد تصل إلى حد التوتر واتخاذ قرارات غير مسؤولة ومتسرعة وقد يعاني بعض المرضى خلال نوبات الهوس الشديد من الأوهام والهلاوس. وسرعان ما ينتقل المريض إلى نوبات اكتئابية (depression) يعاني خلالها من الإحباط وفقدان الطاقة والرغبة في النوم.
ما هو الاضطراب الوجداني الذهاني؟
الاضطراب الوجداني الذهاني هو نوع من أنواع الاضطراب الوجداني ويعاني فيه الشخص من أعراض المرض التي سبق ذكرها مع بعض الأعراض الأخرى الذُهانية. الذهان هو حالة من الانفصال عن الواقع وهي مشهورة أكثر في أمراض مثل الفصام العقلي (الشيزوفرينيا) ولكنها تظهر أيضاً في مرض الاضطراب الوجداني.
في نوبات الذهان يعاني المريض من الهلاوس السمعية والبصرية بمعنى أنه يسمع أصوات غير موجودة ويرى أشياء غير موجودة على أرض الواقع ولكنه يشعر أنها حقيقة للغاية. والأوهام هي اعتقاد المريض اعتقادات غير صحيحة ويتمسك بها بشدة مثل اعتقاد أنه يملك قوة خارقة أو أنه شخص مشهور وذات سُلطة وهذا يظهر أكثر في نوبات الهوس عند مريض البايبولر. وقد يُصاب المريض بالأوهام في فترات الاكتئاب ولكنها تظهر على هيئة مخاوف مثل أن أشخاص يريدون قتله أو أن العالم يتآمر عليه.
ما هو الاضطراب الوجداني الموسمي؟
يتأثر أحياناً مريض اضطراب ثنائي القطب بتغيير المواسم فقد تزيد نوبات الهوس (mania) أو تحدث بعض نوبات الهوس الخفيف (hypomania) عند قدوم فصل الربيع والصيف. وفي المقابل قد تزيد نوبات الإحباط والاكتئاب عند المريض مع قدوم فصول الخريف والشتاء مما يُعرف باسم الاضطراب الوجداني الموسمي.
معلومات ذات قيمة: الشخصية الهستيرية اعراض وطرق علاج
اعراض الاضطراب الوجداني:
لا يوجد نمط معين للاضطراب الوجداني يسير عليه جميع المرضى، اعراض الاضطراب الوجداني تختلف من شخص لآخر وقد تزيد أعراض الهوس وتتكرر عند بعض الأشخاص بصورة أكبر من نوبات الاكتئاب والعكس صحيح. أهم اعراض الاضطراب الوجداني:
نوبات الهوس:
خلال نوبات الهوس يشعر المريض بعدة أعراض مثل:
- اتخاذ قرارات غير مسؤولة مثل ترك الدراسة أو العمل أو إنفاق العديد من الأموال دون فائدة.
- التحدث بسرعة والانتقال من موضوع إلى آخر.
- الرغبة في فعل أكثر من شئ في وقت واحد.
- عدم القدرة على اتخاذ القرارات الصائبة.
- الأوهام والهلاوس السمعية والبصرية.
- الرغبة في الإدمان وشرب الكحول.
- السعادة المفرطة والحماس.
- عدم القدرة على الاسترخاء.
- التشتيت وعدم ترتيب الأفكار.
- شعور عالي بالثقة بالنفس.
- التوتر والعصبية السريعة.
- زيادة الرغبة الجنسية.
- شعور بالعظمة الزائفة.
- عدم رغبة في النوم.
- فقدان الشهية.
- التفاؤل والأمل.
- فقدان التركيز.
- متحفز دائماً.
هناك نوبات من الهوس تحدث بأعراض أبسط وتُسمى الهوس الخفيف ولا يعاني المريض خلالها من الهلاوس أو الأوهام أو التفكير المضطرب.
نوبات الاكتئاب:
أهم أعراض نوبات الاكتئاب:
- البكاء كثيراً.
- التحدث ببطء.
- الشعور بالحزن.
- ضعف في الذاكرة.
- مشاكل في التركيز.
- الشعور الدائم بالقلق.
- فقدان الرغبة الجنسية.
- صعوبة في اتخاذ القرار.
- الشعور بالإحباط واليأس.
- زيادة الشهية وزيادة الوزن.
- عدم القدرة على الاستمتاع.
- احتقار الذات وعدم الثقة بالنفس.
- كثرة التفكير في الموت أو الانتحار.
- الرغبة في النوم لكنه قد يعاني أحياناً من الأرق.
تعرف على: 4 طرق مميزة لعلاج الرهاب الاجتماعي
هل الاضطراب الوجداني مرض عقلي ؟
كثيراً ما يتم سؤال هل الاضطراب الوجداني مرض عقلي؟ بالطبع نعم، اضطراب ثنائي القطب يؤثر على شعور الإنسان وتصرفاته كما يعاني الشخص في بعض الأحيان من الهلاوس والأوهام والرغبة في الانتحار. فالاضطراب الوجداني ليست حالة نفسية سيئة فقط تمر بالمريض بل هو مرض مزمن وأفكار مضطربة.
اسباب الاضطراب الوجداني:
اسباب الاضطراب الوجداني ليست معروفة بالكامل حتى اليوم ولكن بعض الأسباب التي ذكرها العلماء هي:
- الجينات يمكن أن تؤثر في ظهور المرض ويُعتقد أن عدة جينات هي المسؤولة عن أعراض مرض ثنائي القطب.
- الوراثة حيث أن وجود شخص في العائلة مصاب بالاضطراب الوجداني يزيد من فرصة إصابة أشخاص آخرين به.
- التعرض للضغط الشديد يمكن أن يساعد في ظهور المرض.
كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب؟
كيفية التعامل مع مريض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب يمكن أن تؤثر في سرعة الاستجابة للعلاج وفي حدة الأعراض التي يعاني منها، نقدم لك بعض النصائح للتعامل مع المريض:
- يحتاج المريض إلى الصبر ولا تتوقع الشفاء العاجل.
- تعلم أكثر عن مرض اضطراب ثنائي القطب وما يشعر به المريض.
- استمع للمريض وما يشعر به وتعاطف معه دون موافقته على الأفكار الغير عقلانية.
- انصح المريض بالذهاب للعلاج لأن سرعة التوجه للعلاج تؤثر على نسبة شفاء الأعراض.
- يجب الإلتزام بالعلاج والدواء الموصوف لذلك من المفيد أن تساعده في تذكر مواعيد الدواء ومواعيد زيارة الطبيب.
- يجد كثير من مرضى الاضطراب الوجداني صعوبة في طلب العلاج بسبب الخوف من نظرة الآخرين لهم ويحتاجون إلى الدعم.
- إذا كان هناك شخص قريب منك مصاب بمرض ثنائي القطب نحن هنا في مستشفى الأمل للطب النفسي لمساعدتك، اتصل بنا على الأرقام الموضحة والواتس اب للزيارة والكشف.
تعرف على: علامات واعراض المرض النفسي عند المراهقين
العلاقة بين الاضطراب الوجداني ثنائي القطب والحمل؟
كثير من النساء المصابين بالاضطراب الوجداني ينجبون أطفال أصحاء ولكن يجب توضيح بعض نقاط الخطر، يجب التحدث مع الطبيب إذا قمتِ باتخاذ قرار الحمل ليقرر الأدوية المناسبة والغير مناسبة التي يجب أن تتوقف لأن كثير من أدوية مضادات الذهان قد تؤثر على الجنين. أيضاً حدوث نوبات شديدة من الاكتئاب أو الهوس بعد الإنجاب بعدة أسابيع أمر وارد الحدوث لذلك يجب المتابعة مع الطبيب أثناء الحمل وبعده.
هل يشفى مريض الاضطراب الوجداني؟
حتى الآن لا يوجد علاج نهائي لمرض الاضطراب الوجداني ولكن العلاج الحالي يحسن من الأعراض كثيراً ويجعل المريض يعيش حياة شبه طبيعية. العلاج ينقسم إلى قسمين أساسيين:
-
ادوية علاج الاضطراب الوجداني:
يصف الطبيب بعض الأدوية المضادة للذُهان وأدوية تثبيت المزاج، كما يصف الطبيب بعض الأدوية التي تعالج أعراض المرض مثل الأدوية التي تساعد على النوم في حالات الأرق والأدوية المضادة للقلق. وقد يصف الطبيب بعض الأدوية المضادة للاكتئاب في نوبات الاكتئاب ولكن بجرعات محددة لتجنب حدوث نوبات هوس شديدة. تذكر أن الالتزام بالدواء ضروري من أجل تحسن الأعراض ولا يجب التوقف عن تناول الدواء دون الرجوع للطبيب حتى مع تحسن الأعراض لأن ذلك يؤدي لتدهور الحالة سريعاً.
-
العلاج النفسي للاضطراب الوجداني:
العلاج النفسي على هيئة الجلسات النفسية مع المريض تُحسن من حالة المرض حيث يوضح الطبيب للمريض طبيعة المرض ويدربه على كيفية التعامل معه وطرق التفكير والسلوك الصحيحة وكيف يتعامل مع أفكاره المتلاحقة ومشاعره المضطربة.
معلومات رائعة عن: تجربتي مع سيرترالين
انتكاسة الاضطراب الوجداني ثنائي القطب:
انتكاسة الاضطراب الوجداني ثنائي القطب أمر مشهور بسبب أنه كما سبق أن ذكرنا لا يوجد علاج نهائي للمرض وتحدث الانتكاسة عندما تعود أعراض الهوس أو الاكتئاب بعد العلاج أو أثناء تناوله، ولكن الانتكاسة لا تعني الفشل بل هي عقبة في الطريق يمكن تخطيها عن طريق الالتزام بالعلاج. عادةً تأتي الانتكاسة على هيئة نوبات اكتئاب أكثر منها نوبات هوس وبعض النصائح قد تكون مفيدة في تقليل فرص الانتكاسة:
- الإلتزام بالعلاج النفسي والدوائي.
- النوم المنتظم يجعل المشاعر والأفكار أكثر اتزاناً.
- إدمان الكحول والكافيين قد يجعل فرص الانتكاسة أعلى.
- العلاقات الاجتماعية تحسن من الأعراض وتقلل الانتكاسة.
- اتباع نظام غذائي صحي يفيد الصحة العامة ويقلل من حدوث الانتكاسة.
- ممارسة الرياضة تحسن من المشاعر والمزاج، حاول ممارسة أي نوع من أنواع الرياضة لمدة نصف ساعة يومياً على الأقل.
إقرأ أيضاً: الدليل الكامل حول اضطراب الشخصية الحدية
أهم الأسئلة الشائعة حول هل الاضطراب الوجداني مرض عقلي ام لا
بعض أهم الأسئلة التي يتم السؤال عنها حول الاضطراب الوجداني:
هل مرض الاضطراب الوجداني خطير؟
مرض الاضطراب الوجداني يعتبر من الأمراض الخطيرة التي تحتاج لعلاج فوري. يؤثر المرض على سلوك المريض وقدرته على التركيز والتعلم كما تم ربط المرض ببعض الأمراض العضوية مثل ارتفاع ضغط الدم ومشاكل القلب ومرض السكري. وأيضاً مريض الاضطراب الوجداني أكثر عرضة للإدمان والانتحار.
هل يظهر الاضطراب الوجداني عند الاطفال؟
عادةً يظهر المرض بصورة أكبر عند المراهقين والبالغين ولكن يمكن أن يظهر عند الأطفال بنفس الأعراض التي سبق ذكرها، تغير السلوك أمر طبيعي في مرحلة الطفولة ولكن إذا كان طفلك يعاني من تقلب مزاج عنيف ومستمر يجب الذهاب إلى طبيب نفسي للاطمئنان.
العلاقة بين الاضطراب الوجداني والزواج؟
تنجح الكثير من العلاقات في تخطي مشاكل الاضطراب الوجداني ويستمر الزواج ولكن يجب أن يتقبل المريض العلاج ويلتزم به لأن رفض العلاج يؤدي لتأخر الأعراض وقد تصبح أعراض الهوس أو الاكتئاب شديدة وخطيرة على الشخص ومن حوله.
الخلاصة:
الاضطراب الوجداني هو مرض نفسي وعقلي ويتميز بنوبات هوس يعقبها نوبات اكتئاب حادة. أهم أعراض نوبات الهوس التحفز الدائم والتوتر وقد يعاني الشخص من الهلاوس بينما يمر المريض خلال فترة الاكتئاب بأعراض مثل الإحباط وصعوبة التركيز. يجب اتخاذ خطوات سريعة في طلب العلاج لأن تأخر العلاج يؤدي إلى تدهور المرض.