علاج التوتر والقلق النفسي ليس يسيراً كما يظن بعض الناس، وكما أنه يوجد العديد من أنواع التوتر والقلق المرضي، وأيضاً تتفاوت درجة التوتر من شخص لآخر، فكذلك العلاج يختلف بناء على هذه العوامل، ولكن كيف يصبح القلق مرضي وهل أي شعور بالقلق يعد داء يحتاج إلى تدخل علاجي، وكيف يمكن تشخيصه وما هي طرق علاجه، هل يمكن أن تساعد نفسك لتقليل حدة التوتر العصبي الذي تشعر به، كل هذا سنتطرق له تفصيلا في هذا المقال وسنجيب على أكثر التساؤلات شيوعاً في النهاية.
إقرأ أيضًا: ما هي أعراض الوسواس القهري؟
تعريف التوتر والقلق
القلق هو شعور طبيعي جداً في التكوين الإنساني بل ومهم كذلك لأخذ الاحتياطات اللازمة والقيام ببعض التصرفات التي يجب القيام بها، ولكن إذا زاد القلق عن الحد الطبيعي له وبدأ في أن يأخذ منحى شديد ومستمر ودون داعي يذكر، ففي هذه الحال يمكننا أن نقول أن القلق بدأ في أخذ منحى مرضي، وننصحك بالسعي للتدخل العلاجي إن كان ينطبق عليك أحد هذه الأحوال:
- إذا كنت تشعر أنك تقلق أكثر من اللازم إلى الدرجة التي تؤثر على عملك وحياتك الأسرية والمهنية والاجتماعية.
- إذا كنت تشعر أنك أصبحت لا تستطيع التحكم في قلقك أو خوفك، وأصبحت ردود أفعالك غير طبيعية وغير منطقية.
- إذا كنت تعاني من أحد الاضطرابات الأخرى المصاحبة للشعور بالقلق والتوتر مثل إدمان المخدرات أو أحد الاضطرابات الذهنية الأخرى.
- إذا بدأت تفكر في الانتحار أو قتل النفس.
- إذا كنت تعاني من بعض الأعراض الجسدية الأخرى التي تظن أن لها علاقة بالقلق.
ما هي أعراض التوتر والقلق الجسدية؟
يؤثر القلق المرضي على العديد من أجهزة الجسم على النحو الآتي:
أولاً: تأثيره على الجهاز العصبي المركزي
-الشعور بالقلق الشديد او التوتر يشير للدماغ بوجود خطر كبير وبالتالي تبدأ في إطلاق بعض الهرمونات لمواكبة هذا الخطر، ومن أشهر هذه الهرمونات الكورتيزون والأدرينالين، وهذان الهرمونان لهما تأثير كبير على باقي أعضاء الجسم كما سيأتي تفصيل ذلك بعد قليل.
والجدير بالذكر أن إطلاق الدماغ لهذه الهرمونات بهذه القوة يجعل الشخص يشعر بالصداع الشديد وزغللة العينين والاكتئاب.

إقرأ أيضًا: ما هو مرض الذهان وتشخيصه وعلاجه؟
ثانياً: تأثير القلق والتوتر على القلب والأوعية الدموية
- آلام الصدر.
- ارتفاع ضغط الدم.
- اضطراب نبضات القلب.
- إذا كان المريض مشخص من قبل بأحد أمراض القلب ومر عليه نوبة قلق أو ذعر شديدة فإن هذا من الممكن أن يؤدي إلى أن يصاب الشخص بالجلطات الشريانية.
ثالثاً: تأثير القلق والتوتر على الجهاز الهضمي
- الغثيان.
- القيء.
- إسهال.
- آلام المعدة.
- فقدان الشهية.
- عدم القدرة على هضم الطعام جيداً.
رابعاً: تأثير القلق والتوتر على الجهاز المناعي
الهرمونات التي يتم إطلاقها في مواجهة الخطر مثل الكورتيزون تؤثر بقوة على الجهاز المناعي، مما يؤدي إلى ضعفه ولكن بعد مرور فترة من الوقت يبدأ الجهاز المناعي بالعودة إلى طبيعته مرة أخرى.
وبالتبعية يمكننا استنتاج أن الشخص إذا كان دائم القلق والتوتر فإنه الجهاز المناعي سيستمر تأثير الكورتيزون عليه إلى الدرجة التي تجعله ضعيفاً دائماً وتجعل الجسم عرضة لأنواع العدوى المختلفة من بكتيريا وفيروسات وطفيليات.
خامساً: تأثير القلق على الجهاز التنفسي
القلق يؤدي إلى تغيير نمط التنفس فيصبح سريع وضعيف، وإذا كان الشخص يعاني من بعض أمراض الجهاز التنفسي فإن هذا سيؤدي إلى العديد من المضاعفات، على سبيل المثال: إذا كان يعاني من الربو الشعبي فإن أعراضه ستزيد سوءاً.
– وتوجد بعض الأعراض الجسدية الأخرى مثل:
- كثرة التعرق.
- آلام العضلات.
- الشعور بالضعف الشديد والإرهاق المزمن.
أعراض القلق والتوتر النفسية
تختلف أعراض القلق من شخص لآخر، ولكننا بالمجمل يمكننا القول بأن الجسم يتجه باتجاه واضح لمواجهة التوتر النفسي، ومن أمثلة الأعراض النفسية ما يلي:
- الأرق.
- عدم الشعور بالراحة.
- الشعور بخطر داهم قريب.
- عدم القدرة على التركيز أو التفكير.
- عدم الرغبة في البقاء جالساً أو مستلقياً بل التوتر يجعل صاحبه دائم الحركة.
- إقرأ المزيد: أعراض القلق النفسي وانواعه للنساء والرجال
ما هي أضرار التوتر والقلق النفسي؟
هذه التأثيرات السابق ذكرها غير محبذة على الإطلاق بل وتؤدي إلى العديد من التوابع على المدى البعيد مثل:
- الاكتئاب.
- الأرق الدائم.
- العديد من الآلام الجسدية.
- اضطراب الصحة الجنسية.
- التفكير في الانتحار ومحاولة قتل النفس.
- فقدان الاهتمام بالحياة الأسرية والمهنية.
- اضطرابات دائمة للجهاز الهضمي وعدم القدرة على هضم الطعام جيداً.
- قد يتوجه مريض القلق العصبي لإدمان المخدرات مما سيؤدي به إلى العديد من المتاعب.
كيفية تشخيص القلق؟
لكي نصل إلى التشخيص الصحيح لاضطراب التوتر والقلق العصبي يجب أن يقوم الطبيب بتقييم الأعراض التي يشعر بها المريض جيداً ثم استبعاد الأمراض العضوية التي من الممكن أن تتسبب في نفس هذه الأعراض وتتداخل مع التشخيص، وبعدها يمكننا التوجه إلى الادوية النفسية والجلسات العلاجية مع المختصين إذا تأكدنا أن سبب هذه الأعراض نفسي وليس عضوي.

إقرأ أيضًا: ما هي أعراض مرض الفصام وكيفية تشخيصه؟
ما هو علاج القلق والتوتر النفسي؟
كما سبق أن ذكرنا في مقدمة المقال أن علاج التوتر والقلق النفسي ليس قاعدة واحدة عند جميع المرضى، ولكن يمكننا أن نقول أن علاج التوتر والقلق النفسي يعتمد على بعض العوامل، ومن أهمها ما يلي:
- شدة أعراضه.
- نوع القلق النفسي.
- شخصية المريض نفسه.
وبالمجمل نستطيع تقسيم علاج التوتر والقلق النفسي إلى هذه المحاور:
- العلاج الطبي الدوائي.
- العلاج النفسي والجلسات الاستشارية.
- العلاج الذاتي
وتجدر الإشارة إلى أن العلاج الذاتي والمحاولة للسيطرة على ردود الأفعال والقيام ببعض التصرفات والاحتياطات ليمنع الشخص نفسه من الوصول لدرجة كبيرة من الذعر يجب أن تكون الخطوة الأولى، وإليك بعض الإرشادات التي ينصح بها الأطباء في هذا الصدد:
- حاول تنظيم وقت العمل أو الدراسة جيداً، والبعد عن مثيرات القلق والتوتر النفسي وأخذ وقتاً كافيا للقيام بالمسؤوليات المهنية أو التعليمية إن كنت طالباً.
- بعض الأمور قد تساعدك على تقليل حدة التوتر والقلق العصبي مثل أخذ نفس عميق أو اخفات الانوار من حولك وغيرها.
- حاول أن تستبدل الأفكار السلبية التي تفكر بها مثل عدم قدرتك على تأدية مهامك أو عدم قدرتك على مواكبة الضغوطات الحياتية بأفكار أخرى إيجابية مثل الوصول للنجاح والسعي الدائم ووجود أمل.
- حاول أن تتحدث مع بعض الشخصيات الداعمة لك كأحد أفراد عائلتك أو أحد أصدقائك.
- وأخيراً تغيير نمط الحياة مثل ممارسة الرياضية وتناول الطعام الصحي والنوم لعدد ساعات كافية وعدم تناول المشروبات التي تحتوي على نسبة عالية من الكافيين سيساعدك كثيرا في تقليل حدة التوتر العصبي الذي تشعر به.
- إقرأ أيضًا: أهم أعراض الاكتئاب الحاد الجسدية والنفسية
العلاج النفسي
في الواقع يعد العلاج النفسي هو أكثر الأدوات كفاءة في مواجهة اضطراب القلق العصبي، والذي يتمثل في العلاج الإدراكي السلوكي ويهدف إلى كل مما يأتي:
- تغيير نمط الأفكار المقلقة التي تثير ذعر صاحبها.
- تحسين ردود أفعال الشخص في مواجهة الضغوطات العصبية.
-بمعنى آخر يهدف العلاج الإدراكي السلوكي إلى التحكم في العقل والجسم معاً عندما يتعرض الشخص لضغط عصبي أو حتى يبدأ في التفكير فيه.

إقرأ أيضاً: ما هي أهم سمات وتصرفات المريض النفسي؟
العلاج الدوائي
توجد العديد من المصنفات الدوائية التي تفيد كثيراً في علاج أنواع التوتر والقلق النفسي مثل:
- مضادات الاكتئاب
والتي تفيد كثيرا في علاج التوتر العصبي عن طريق التحكم في النواقل العصبية الموجودة في الدماغ.
- البينزودايزيبين Benzodiazepines
وبالرغم من أن عائلة البينزودايزيبن تفيد كثيراً في علاج التوتر والقلق العصبي إلا أن من أخطر الأعراض الجانبية الخاصة بها هو الاعتمادية الجسدية والذهنية عليها، ومن الممكن أن يدمنها الشخص إذا بدأ في تعاطيها كلما شعر بالتوتر دون إرشادات الطبيب، لهذا هي لا توصف دائما لمرضى القلق النفسي.
- بعض الأدوية الأخرى تساهم في علاج الأعراض الجسدية التي يشعر بها المريض مثل: ارتفاع ضغط الدم وارتعاش اليد واضطراب نبضات القلب ومن أمثلة هذه الأدوية:
-
- beta-blockers
- (monoamine oxidase inhibitors (MAOIs
- buspirone
الأسئلة الشائعة
إذا كنت تشعر بأنك تعاني من فرط القلق وكثرة التوتر فغالبا ما دارت في ذهنك العديد من الأسئلة التي تدور في فلك معالجة القلق والتوتر، وسنحاول في هذه الفقرة إجابتك على بعض منها
هل يمكن علاج القلق النفسي بدون أدوية؟
يمكن للطبيب أن يحدد هذا بناء على شدة الأعراض التي يشعر بها المريض وتقييمه لحالته، ولكن يمكننا القول أن بعض حالات التوتر والقلق البسيطة قد لا تحتاج للتدخل الدوائي وقد تتوقف فقط على العلاج السلوكي الإدراكي، وفي بعض الحالات قد تحتاج إلى تدخل دوائي قوي للمساعدة.
هل يمكن علاج القلق نهائيا؟
بالرغم من أنني كطبيب أود أن أجيبك بنعم على هذا السؤال، ولكن الأمانة العلمية تقتضي الوقوف على مقصدك بعلاج القلق نهائياً، فإن كان المقصود هو تخفيف الأعراض الجسدية والنفسية المصاحبة للقلق، فنعم هذا بالطبع من الممكن ان يحدث مع العلاج السلوكي والعلاج الدوائي المساعد له.
ولكن يجدر بنا هنا لفت انتباهك إلى أن العوامل الوراثية من أكثر الأسباب المؤدية لهذا الاضطراب النفسي، وهذا بالطبع لا يمكن تغييره أي ان اضطراب القلق المبالغ فيه نفسه لا يمكن محوه للأبد ولكن يمكننا تخفيف حدة الأعراض الجسدية والنفسية التي ستؤثر على حياتك إن لم نتحكم فيها جيداً.
إقرأ أيضًا: تعرف على علامات الاكتئاب الحاد عند الرجال