اضطراب الهوية الجنسية (gender identity disorder) من أكثر المواضيع جدلاً على الساحة الآن. ورغم أن هذا الاضطراب ليس بالشيء الجديد ولكن الخوف من تزايد الوضع هو ما جعل اضطراب الهوية الجنسي من أهم المواضيع التي يجب مناقشتها. سنتكلم بالتفصيل عن أهم أسباب اضطراب الهوية الجندرية وهل يمكن التحكم في عدم نشأة الاضطراب في الأعوام الأولى للطفل؟ وما هي هوية الطفل الجنسية بالتحديد؟ وما أهم أعراض الاضطراب عند البالغين؟
ما هو اضطراب الهوية الجنسية؟
تعريف الهوية الجنسية هي شعور الشخص وإدراكه وملائمة نفسيته للجنس الذي ينتمي إليه، فيفضل الرجل الأفعال والتصرفات والظهور بشكل رجولي وتفضل الأنثى التصرفات والمظاهر ذات الملامح الأنثوية وذلك هو الطبيعي لدى معظم البشر.
اما اضطراب الهوية الجنسية هو مرض نفسي سلوكي يمكن ملاحظة بعض أعراضه منذ فترة الطفولة. في بعض الحالات النادرة التي تقدر بنسبة 1 لكل 30000 من الرجال ونسبة 1 من كل 100000 من النساء هناك حالة من الخلل في التأقلم وعدم الرضا عن هويتهم الجنسية مما يُعرف ب “اضطراب الهوية الجنسية”.
مقالة مميزة: هل الاضطراب الوجداني مرض عقلي؟
ما هي اسباب اضطرابات الهوية الجنسية؟
اسباب اضطرابات الهوية الجنسية ما زالت غير واضحة بالكامل حتى الآن. الشيء الأكيد أنه اضطراب موجود ويعاني منه بعض الأشخاص ولكن على الرغم من أن بعض الأسباب ليس في وسعنا تغيرها كما سنذكر إلا أن كثير من أسباب ظهور اضطراب الهوية الجندرية يمكن التحكم فيها إذا تم معرفتها وهذا ما سنحاول توضيحه. اسباب اضطرابات الهوية الجنسية الأشهر:
الأسباب البيولوجية:
- الهرمونات:
تلعب هرمونات الذكورة والأنوثة دور مهم في توضيح الهوية الجنسية لدى الشخص، اضطراب الهرمونات بسبب بعض الأمراض مثل تضخم الغدة الكظرية يمكن أن ينتج عنه أعراض اضطراب الهوية.
- الأدوية:
يجب تناول الأدوية في فترات الحمل بحذر شديد لأن بعض الأدوية قد تؤدي إلى خلل هرموني ينتج عنه اضطراب في هوية الطفل فيما بعد.
الأسباب الأسرية والاجتماعية:
أكثر أسباب اضطراب الهوية الجندرية هي أسباب أسرية واجتماعية يمكن تفاديها مثل:
- خلل في عملية التطبيع:
التربية الجنسية للطفل يجب أن تبدأ في عمر مبكر تقريباً السنة والنصف، التطبيع هو تأكيد هوية الطفل الجنسية عن طريق مخاطبته بالطريقة الملائمة لجنسه والألعاب التي تناسبه وتأكيد الأفعال الأنثوية أو الذكورية التي يقوم بها الطفل.
- توحد الطفل مع الجنس الآخر:
يحدث التوحد واندماج الطفل مع الجنس الآخر عندما ينشأ الطفل الذكر كطفل وحيد دون وجود أب ومع تعلقه الزائد بأمه قد يظهر الاضطراب والعكس صحيح بالنسبة للأنثى.
- الأذى والعنف الجنسي في الطفولة:
تعرض الطفل لأي صورة من صور العنف الجنسي في فترة الطفولة قد يجعله يكره جنسه الذي ينتمي إليه ويرغب في الانتقام عن طريق التحول للجنس الآخر.
- نقص في إشباع الاحتياجات النفسية:
الاحتياجات النفسية لدى الأشخاص تتمثل في القبول والتشجيع والثقة بالنفس وعدم إشباع تلك الاحتياجات في فترة مبكرة قد تجعل الشخص يتبنى سلوك الجنس الآخر للفت الانتباه والشعور بالقيمة.
- المشاعر التي تصل للشخص منذ طفولته:
يستمد الطفل مشاعر الأمان والحب من علاقته بأمه وأبيه على حد سواء ومن خلال ملاحظته للعلاقة بين الأم والأب، التفكك الأسري والنزاعات قد تُفقد الطفل إحساس الأمان وتؤدي لخلل نفسي قد ينتج عنه اضطراب الهوية الجنسية.
- رفض الأسرة لجنس الطفل:
إذا كانت الأسرة تفضل جنس على آخر قد يصل هذا الإحساس للطفل ويجعله يرغب في تحويل نفسه للجنس المفضل.
- التنمر والسخرية:
أحياناً يكون لدى الطفل الذكر بعض الملامح الأنثوية البسيطة في فترة الطفولة مثل رقة الصوت وأحياناً يكون لدى الأنثى بعض الملامح الذكورية مثل ملامح الوجه القاسية مثلاً، التعرض للسخرية الدائمة قد يجعلهم يشعرون بعدم الانتماء لجنسهم.
تعرف بالتفصيل: ما العلاقة بين مرض فصام الشخصية والزواج؟
ما هو الاضطراب الجنسي عند الاطفال؟
يبدأ الطفل في تكوين هويته الجنسية حتى عمر ال 4 سنوات ويتم توكيد تلك الهوية عن طريق تفاعلنا مع الطفل وإرشاده، بعض الأعراض التي يمكن أن تظهر على الطفل وتعني أن هناك اضطراباً في هويته مثل:
- تقمص دور الجنس الآخر في اللعب.
- التعبير باستمرار عن تفضيل الجنس الآخر.
- اعتقاد الذكر أنه سيصبح أنثى حين يكبر أو العكس.
- الرغبة في مصادقة أطفال من الجنس الذي يفضلونه.
- اختيار ملابس تناسب الجنس الآخر والرغبة في ارتدائها.
- الشعور بالاستياء من التغيرات الجسدية التي تحدث في فترة البلوغ.
- كره أعضائهم التناسلية التي تعبر عن جنسهم والرغبة في التخلص منها.
- تفضيل ألعاب الفتيات مثل العرائس للطفل الذكر والعكس بالنسبة للأنثى نجد أنها تفضل ألعاب عنيفة بعض الشيء.
- التكلم والتعبير بطريقة تشبه الجنس الآخر (إما عن طريق التحدث بصيغة الأنثى أو الذكر أو التعبيرات التي يتم استخدامها عادةً لجنس معين دون الآخر)
يجب التنبيه على أن من الطبيعي قبل سن ال 4 سنوات أن يخطئ الطفل أحياناً في التعبير عن نفسه بصيغة الجنس الآخر أو أن يرغب بألعاب الجنس الآخر وذلك السلوك قد لا يعني أي شئ سوى أنه مازال يكون ويطور هويته ولكن يجب مراقبة الطفل والذهاب إلى طبيب نفسي إذا استمر ذلك السلوك لفترة طويلة وتكرر بأكثر من شكل لمدة تزيد عن ال 6 أشهر.
تعرف على: الدليل الكامل حول اضطراب الشخصية الحدية
5 من أعراض اضطراب الهوية لدى المراهقين والبالغين:
قد يتأخر ظهور اضطراب الهوية الجنسية حتى فترة المراهقة ومع التغيرات النفسية والجسدية التي تحدث في تلك الفترة تبدأ أعراض الاضطراب في الظهور، أهم أعراض اضطراب الهوية لدى المراهقين والبالغين ما يلي:
- الرغبة في التخلص من مظاهر الجسم التي تعبر عن جنسهم ( الأعضاء التناسلية وتغيير الصوت وشكل وطول الشعر).
- الرغبة في أن يتم معاملتهم كالجنس الآخر الذين يفضلون الانتماء إليه.
- الشعور بالاستياء وعدم الرضا عن الإنتماء لجنسهم.
- الرغبة في اكتساب المظاهر الشكلية للجنس الآخر.
- التفكير بطريقة الجنس الآخر الذين يريدون الانتماء إليه.
كيف يمكن تشخيص اضطراب الهوية الجنسية؟
كما سبق أن ذكرنا أن الهوية الجنسية اضطراب شديد التعقيد وليس تصرف عابر يتصرفه الشخص فنحكم بأنه لديه اضطراب في هويته الجنسية، يُشخص الأطباء اضطراب الهوية الجندرية إذا تم ظهور أكثر من 6 أعراض من الأعراض المذكورة لدى الطفل واستمرت الأعراض ل 6 أشهر على الأقل. في المراهقين والبالغين ظهور عرضين فقط من الأعراض المذكورة لمدة 6 أشهر كافية لتشخيص اضطراب الهوية الجنسي.
إقرأ أيضاً: 4 طرق مميزة في علاج الرهاب الاجتماعي
كيفية علاج اضطراب الهوية الجنسية:
تختلف مدارس العلاج بين الدول الغربية ودول الوطن العربي والإسلامي وسنتكلم عن تلك المدارس بشئ من التفصيل وسبب نشأتها، أهم طرق علاج اضطراب الهوية الجنسية:
-
العلاج النفسي:
العلاج النفسي هي المدرسة المعترف بها في العالم الشرقي والإسلامي وهي مدرسة واتجاه طبي عالمي يتبعه العديد من الأطباء في دول العالم الغربي أيضاً. يعتبِر ذلك الاتجاه اضطراب الهوية الجندرية على أنه اضطراب نفسي لأن ملامح الشخص ومظهره وأعضائه وجيناته تكون متوافقة مع الجنس الذي ينتمي إليه واقعياً ولكنه يشعر أنه ينتمي إلى الجنس الآخر.
وهنا يأتي دور المعالج النفسي الذي يعالج هذا الاضطراب عن طريق التكلم مع المريض في جلسات علاج وسلوك نفسي لمعرفة أسباب شعوره ودوافعه التي تدفعه للرغبة في تغيير جنسه وتدريبه على كيفية تقبل جنسه عن طريق حل مشكلات ودوافع الاضطراب.
-
العلاج الهرموني:
في بعض الأوقات يكون الخلل هرمونياً كما سبق أن ذكرنا والحل في تلك الحالات بسيط فبمجرد تصليح الخلل الهرموني الذي يعاني منه الشخص عن طريق الأدوية ومع بعض جلسات العلاج النفسي يستطيع الشخص تقبل جنسه وعيش حياة طبيعية.
-
العلاج الجراحي:
هذه إحدى المدارس المتبعة في الدول الغربية فهم يُطلقون اسم “sexual/gender dysphoria” على مرض اضطراب الهوية الجنسية ويعني عدم تقبل أو الرضا عن الجنس، ويعتبرونه خياراً شخصياً للفرد لتغيير جنسه. فهم يتجهون في بعض الحالات للعمليات الجراحية لتحويل جنس الشخص إلى الجنس الذي يشعر بالانتماء إليه كما يستخدمون العلاج الهرموني لتأكيد الجنس الذي يرغب الشخص في التحول إليه.
ولكن المريض بعد العملية الجراحية لا يستطيع عيش حياة طبيعية فهو لا يستطيع الإنجاب ويشعر دائماً أنه مازال مختلفاً وقد يعاني من بعض الأمراض مثل الاكتئاب.
وقد أعلنت دار الإفتاء المصرية بعد استشارات الأطباء المتخصصين أن تلك العمليات مقتصرة على الأشخاص الذين يطلق عليهم لفظ ” المخنث” أي لديهم الأعضاء الذكورية والأنثوية في وقت واحد ويطغى أحد الجنسين على الآخر فيجوز التدخل الجراحي لتعديل الوضع إلى جنسهم الطبيعي ولا يجب ترك خيار تحويل الجنس للأهواء الشخصية أو الاضطرابات النفسية التي يمكن علاجها.
معلومات مميزة: ما هي أعراض وخطوات علاج الشخصية الهستيرية؟
الأسئلة الشائعة حول اضطراب الهوية الجنسي:
بعض الأسئلة المشهورة حول اضطراب الهوية الجندرية وكيفية علاجها.
ما هو الفرق بين الشذوذ واضطراب الهوية؟
هناك فارق بين الشذوذ واضطراب الهوية الجنسية، فالشذوذ هو خيار شخصي وليس مرضاً ويكون الشخص الشاذ واضح الهوية الجنسية فهو يعلم بكونه ذكراً أو أنثى ولكنه يفضل العلاقات العاطفية والجنسية مع الجنس المماثل له. أما الشخص المصاب باضطراب الهوية الجنسية يشعر بأنه غير ملائم لجنسه وهو مرض يمكن علاجه عن طريق جلسات العلاج النفسي والأدوية الهرمونية.
من هو أفضل طبيب نفسي متخصص لعلاج اضطراب الهوية الجنسية؟
تضم مستشفى الأمل للطب النفسي مجموعة من الأطباء النفسيين المتخصصين في علاج اضطراب الهوية الجنسية، يجب تذكر دائماً أن سرعة العلاج تأتي بأفضل نتيجة. اتصل بنا على أحد الأرقام الموضحة للكشف وتقديم العلاج المناسب.
ما هي فروع مستشفى الامل للطب النفسي؟
هناك عدة فروع لمستشفى الأمل في مصر والوطن العربي؛ في مصر يوجد فرع المقطم وفرع التجمع الخامس وفرع الهرم وفرع أكتوبر. كما تتواجد فروع مستشفى الأمل في دولة الإمارات ودولة عمان. قم بزيارة أقرب الفروع لك إذا كنت تعاني من اضطراب الهوية الجندرية.
الخلاصة:
اضطراب الهوية الجنسية هو مرض نفسي وسلوكي تتداخل عدة أسباب في نشأته ويمكن الوقاية من الاضطراب عن طريق منع أغلب تلك الأسباب. أعراض اضطراب الهوية الجندرية قد تبدأ في فترة الطفولة قبل ال 4 سنوات ويجب ملاحظتها والتوجه للعلاج فور ملاحظة تلك الأعراض. هناك عدة طرق لعلاج ذلك الاضطراب وعدة توجهات مختلفة في دول الشرق الأوسط والعالم الإسلامي ودول الغرب.