رغم أن السلوك الطبيعي للأشخاص الأسوياء نفسياً هو الحاجة للشعور بالتقدير والحب والاهتمام والمعاملة الجيدة إلا أن الأطباء النفسيين قد وجدوا شيئاً غريباً عند بعض الأشخاص المصابين باضطراب الشخصية المازوخية فهم على العكس تماماً يشعرون بالرضا والسعادة عند الإساءة إليهم أو إهانتهم لفظياً أو جسدياً وهذا ناتج عن أسباب عدة سنتحدث عنها في ذلك المقال بالتفصيل كما سنتحدث عن أهم سمات الشخصية المازوخية وكيف تتعامل معها.
ما هي الشخصية المازوخية في علم النفس؟
الشخصية المازوخية في علم النفس أو ما تسمى بشخصية جلد الذات أو السلوك الهادم للذات “self defeating personality disorder” هي شخصية تميل إلى تعنيف الذات وتحب الشعور بالمعاناة والألم وتلقي الإساءة من الآخرين وهي شخصية تشعر دائماً أنها لا تستحق المعاملة الجيدة وتم إطلاق لفظ “مازوخي” في الأساس على الشخص الذي يستمتع بالإهانة والألم خلال العلاقات العاطفية والجنسية ثم بدأ توسيع هذا المفهوم ليشمل أي شخص يستمتع بالألم في جميع نواحي الحياة.
إقرأ أيضاً: الدليل الكامل حول الشخصية السيكوباتية و4 طرق علاجها
هل المازوخية مرض نفسي؟
كان هذا أول سؤال تم طرحه عندما تم استخدام اسم المازوخية أو الماسوشية لأول مرة في القرن ال 19 في كتب علم النفس لوصف الشخص الذي يستمتع بالألم، وتم إطلاق هذا الاسم نسبة للكاتب الألماني مازوخ الذي كان دائماً يجسد الألم بشكل جمالي في كتاباته. استمر البحث حول هذا الاضطراب وفي النسخة الأخيرة من كتاب الأمراض النفسية DSM تم إزالة الاضطراب من الكتاب وعدم اعتباره مرض نفسي.
ولكن على الرغم من ذلك، الكثير من الباحثين والأطباء والمحللين النفسيين يؤكدون أن الشخصية المازوخية تحتاج لمزيد من البحث ويجب أن يتم إضافتها قريباً وفي جميع الأحوال سواء تم اعتبارها مرضاً نفسياً أو بعض الاضطرابات السلوكية تحتاج الشخصية الماسوشية لعلاج في كثير من الأحيان بسبب تأثير نواحي الشخصية على الحياة.
ما أسباب الإصابة بالمازوخية؟
أسباب الإصابة بالمازوخية لم يتم تحديدها من قبل العلماء، بينما هناك عوامل الخطر التي قد تؤدي إلى إصابة الشخص بالمازوخية، مثل:
- العوامل الاجتماعية
تعامل الأسرة بعنف جسدي أو ممارسة الضغط النفسي واستخدام أساليب تربية خاطئة مثل الضرب والإهانة والتسلط.
- الصدمات القاسية
التعرض للاعتداء الجسدي أو الجنسي مثل التحرش وخاصة في عمر مبكر، يولد عن الطفل نظرة دونية للذات وشعورًا بالذنب.
- الهروب من الواقع
يستخدم الشخص المازوخي هذه التصرفات من أجل الهروب من واقع لا يرغب به.
- إدمان الإباحية
مشاهدة الشخص للأفلام الإباحية في سن مبكر يجعله أكثر عرضة لتطبيق السلوكيات الخطيرة التي تعرض في هذه المراجع الجنسية الخاطئة.
ولكن ما هى درجات المازوخية
درجات المازوخية تختلف من شخص لآخر، يمكن ترتيبها كما يلي:
- ضعيفة
وهي أقل درجات المازوخية وفيها يجد الشخص متعته في الشعور بالخوف، مثل مشاهدة أفلام الرعب أو ممارسة ألعاب الإثارة والخطر.
- متوسطة
هي درجة من المازوخية يتحمل الشخص الإهانة والتقليل من نفسه ولا يحاول الدفاع عن نفسه ويشعر بمتعة من إذلاله.
- شديدة
هي أشد درجات المازوخية وتعد من المضاعفات التي تنتج عن عدم علاج المازوخية، وفيها يصل الشخص إلى أن يطلب من الآخرين إذلاله أو إهانته أو الضرب وقد يستفزهم لكي يقومون بذلك.
اسباب اضطراب الشخصية المازوخية:
السبب الرئيسي وراء اضطراب الشخصية المازوخية “masochistic personality disorder” غير معروف حتى الآن ولكن يقدم المتخصصون عدة تفسيرات يمكن أن توضح ظهور تلك الشخصية مثل: النزاعات الأسرية أو طرق التربية الخاطئة للطفل بكبت مشاعره وإجباره أو إهانته واستخدام طرق العقاب في التربية.
كما أن الدراسات أثبتت أن الأطفال الذين تعرضوا لعنف جنسي في الطفولة أكثر عرضة للإصابة باضطراب الشخصية المازوخية بسبب شعورهم دائماً بأنهم يستحقون ما حدث لهم وأنهم غير جيدين بما يكفي ولا يستحقون معاملة جيدة.
مقالة مميزة: اهم المعلومات حول الشخصية النرجسية وكيفية التعامل معها
سمات وعلامات الشخصية المازوخية:
هناك العديد من سمات وعلامات الشخصية المازوخية التي يذكرها الأطباء المتخصصين من أهمها ما يلي:
- الشخص المازوخي شخص غير طموح.
- يرفضون الأشخاص الذين يعاملونهم جيداً.
- يؤذون أنفسهم باستمرار عن طريق الجرح أو الضرب.
- رفض تلقي المساعدة من الآخرين والاستمتاع بالمعاناة.
- دائماً يسعى في خدمة الآخرين ولو على حساب نفسه.
- يبحثون دائماً عن التضحية الزائدة حتى ولو لم يطلب ذلك منهم.
- يحبون مشاهدة أفلام الرعب والعنف أكثر من الشخص الطبيعي.
- لا يحب أن يكون مركز الاهتمام بعكس الشخصية النرجسية مثلاً.
- اختيار علاقات خاطئة واتخاذ قرارات غير مناسبة تعرضهم دائماً للإحباط حتى مع وجود اختيارات أفضل.
- على الرغم من مهاراتهم الاجتماعية فهم يرفضون دائماً أي وسيلة للترفيه أو الشعور بالسعادة او الإنجاز.
- لا يرفضون الإهانة ولا يتخذون موقفاً من الشخص المسيء إليهم بل على العكس هم يستمتعون بذلك.
- إذا نجحوا في شئ ما أو حققوا إنجازاً دائماً ما يهربون من الشعور بالسعادة عن طريق إلحاق الأذى بأنفسهم أو البحث عن مواقف مؤلمة.
مقالة حصرية: الدليل الكامل حول الشخصية الاعتمادية وطرق علاجها والتعامل معها
سمات الشخصية المازوخية في الحب:
“الشخصية المازوخية تشعر أنها لا تستحق أن تدخل في علاقة حب جيدة أو صحية” كان هذا تعليق أحد الأطباء النفسيين المتخصص في اضطرابات الشخصيات وبتلك الجملة تتضح معظم سمات الشخصية المازوخية في الحب، ومن أهم تلك السمات هي:
- لا يستطيع قول “لا”.
- صعوبة في الثقة بالآخرين.
- صعوبة في الاستمتاع بالحياة.
- يلوم نفسه إذا عبر عن مشاعره وينكرها سريعاً.
- لا يستطيع التعبير عن مشاعره وخصوصاً مشاعر الغضب من الطرف الآخر.
- جلد الذات المستمر إذا حدثت مشكلة في العلاقة وينتقدون أنفسهم باستمرار.
- يعمل بصورة زائدة لإثبات نفسه وتحقيق ذاته ويشعر دائماً أنه غير جيد بما يكفي.
- كثرة الشكوى مع عدم السعي لتغيير الواقع وكأنهم يريدون عيش دور الضحية باستمرار.
- يختار الشخص المازوخي الشخص الغير مناسب من البداية ويمهد الطريق لفشل العلاقة قبل بدايتها.
صفات الرجل المازوخي
صفات الرجل المازوخي أو السلوكيات والعلامات التي تظهر ميوله المازوخية أو رغبة تعذيب الذات، يمكن ملاحظتها من خلال الآتي:
- لا يستطيع قول لا رغبة في إرضاء الآخرين ولو على حساب نفسه.
- يعيش دائمًا دور الضحية والشهيد فيسعى لإنقاذ الآخرين بتفاني.
- يرفض المعاملة الجيدة من الآخرين.
- ينجذب إلى الأشخاص النرجسيين و السيكوباتيين.
- يرفض الدفاع عن نفسه.
- يرفض الأشخاص الذين يتعاملون معه بلطف.
- مدمن للدراما والعيش في الألم والمعاناة.
- يحب المثالية والتنازل من أجل الآخرين.
- يبتعد عن العلاقات الجيدة.
- يبحث دائمًا عن المهام الصعبة أو المستحيلة.
- يشعر بالملل إذا كانت الحياة تسير على نحو جيد وسهل.
- يسامح الأشخاص المؤذية بشكل مفرط.
- يصاحب شعوره بالمتعة والفرح شعورًا بالذنب والخجل.
- يشعر أنه شخص غير محبوب.
- نظرته للمستقبل دائمة اليأس والإحباط والسوداوية.
- ينقد ذاته بشكل مستمر.
- يستمر في العلاقات المؤذية.
كيف يشخص اضطراب الشخصية المازوخية؟
يتم تشخيص اضطراب الشخصية المازوخية بشكل أكثر سهولة عن غيرها من الاضطرابات النفسية، ويرجع ذلك إلى وضوح أعراض المازوخية وعادة هذه السمات معه منذ الطفولة.
وهنا يقوم الطبيب بسؤال الشخص عدة أسئلة تدور حول:
- يشعر بالذنب والخجل عندما يحصل على شئ إيجابي.
- استفزاز الآخرين وإيذائهم باستمرار دون أسباب لذلك.
- غير قادر على إتمام مهامه الشخصية رغم قدرته على ذلك.
- رغبة إرضاء الآخرين دائمًا ووضع أولوياتهم قبل اولوياته.
هل يمكن علاج الشخصية المازوخية؟
نعم، يمكن بالطبع التدخل وعلاج الشخصية الماسوشية ولكن دائماً ما يكون إقناع الشخص المازوخي بالعلاج صعباً إذ يفضل الشخص ذات الشخصية المازوخية الاستمرار في المعاناة وعدم تلقي العلاج كما يرفض المريض أي مساعدات تقدم له، وهنا يأتي دور الأشخاص المقربين وعكس ما ننصح به دائماً في التعامل مع اضطرابات الشخصية لا يجب تقديم التعاطف للشخص المازوخي لأن وضعه في دائرة الضحية يزيد الأمر سوءاً بل يجب مخاطبته عقلياً بضرورة العلاج وتأثير الاضطراب على حياته.
يتم علاج اضطراب الشخصية الماسوشية عن طريق عدة جلسات علاج نفسي وسلوكي حيث يتحدث الطبيب مع المريض لمعرفة الأسباب التي تؤدي لهذا السلوك وتعزيز بعض المشاعر لديه مثل تقدير الذات والثقة بالنفس واستحقاق المعاملة الجيدة ويتم تغيير سلوكيات المريض خطوة بخطوة عن طريق تغيير أفكاره.
إقرأ أيضاً: المعلومات الكاملة حول اضطراب الهوية الجنسية وخطوات العلاج
أهم الأسئلة حول اضطراب الشخصية الهادمة للذات:
إليك بعض أشهر الاسئلة حول الشخص المازوخي وكيفية التعامل معه وكيف يتم تشخيصه.
كيفية تشخيص الشخصية المازوخية؟
يتم تشخيص الشخصية المازوخية بواسطة الطبيب النفسي بعد التحدث مع المريض حول سلوكياته وأفكاره ويتم التشخيص عند توفر 5 على الأقل من أعراض الشخصية الماسوشية التي تم ذكرها مسبقاً وأضاف الأطباء أن الأعراض يجب ألا تكون ردة فعل فقط عند التعرض لعنف جسدي أو جنسي أو عند الإصابة بالاكتئاب بل يجب أن يكون سلوكاً مستمراً.
ما هو اختبار الشخصية المازوخية؟
تنتشر عدة اختبارات تقيس نسبة المازوخية والسادية في الشخص عن طريق طرح بعض الأسئلة ولكنها اختبارات غير دقيقة ولا تكفي لتشخيص الاضطراب فضلاً عن علاجه، لذلك إذا كنت تظن أن أحد المقربين لك يعاني من اضطراب الشخصية المازوخية أو كنت تشكو من بعض الأعراض التي سبق ذكرها نحن هنا في مستشفى الأمل للطب النفسي لمساعدتك على تجاوز ذلك الاضطراب من خلال الاتصال بنا على الواتس اب الموضح بالموقع.
كيفية التعامل مع الشخص المازوخي؟
يحتاج الشخص المازوخي إلى تعامل خاص ممن حوله يجب أن تتفهمه دون موافقته على سلوكياته ومن المفيد أن تتحدث معه حول مخاوفه ودوافعه التي تجعله يقوم بتلك السلوكيات، لا تهدد أبداً الشخص المازوخي بالرحيل لأن ذلك يجعل الوضع أسوأ ولا تتعامل معه بعنف وشجعه دائماً على ضرورة طلب مساعدة طبيب متخصص.
كيف أعرف أنني شخص مازوخي؟
يمكنك معرفة ما إذا كنت شخصًا مازوخي أم لا إذا كانت الأعراض موجودة لديك، ويفضل الذهاب إلى مستشفى للطب النفسي للحصول على التشخيص السليم والعلاج.
الخلاصة:
الشخصية المازوخية هي شخصية تشعر بعدم تقدير للذات ونتيجة لذلك تستمتع بالمعاناة والألم وتشعر أنها تستحق ذلك. من أهم سمات الشخصية البحث عن علاقات خاطئة وغير مناسبة وإظهار التضحية بصورة مستمرة ورفض المساعدة. جلسات العلاج النفسي دواء فعال في علاج الشخصية المازوخية ويتوفر علاج اضطراب الشخصية الماسوشية في مستشفى الأمل عن طريق طاقم طبي متخصص.
أقرا المزيد:
- الأمراض النفسية عند الاطفال وعلاجها
- الفرق بين المرض العقلي والنفسي وطرق علاجهم
- الأعراض الانسحابية للأدوية النفسية