قد يتبادر إلى ذهنك أن أعراض مرض الفصام أو الشيزوفرينيا تتمثل في وجود شخصيتين مختلفتين بالكلية لنفس الشخص نظراً لما هو شائع في الأفلام السينمائية، ولكن هذا غير صحيح، فمرض الفصام أو الشيزوفرينا من أخطر الأمراض الذهنية التي تحدث بسبب تفسير المريض للواقع بطريقة غريبة وغير صحيحة، فهو غالبا ما يتوهم حدوث أشياء أو يفكر في الكثير من الضلالات ويظنها حقيقية، فهو لا يمتلك شخصيتين هو فقط يتوهم بعض الأمور، وسنتحدث عن أعراض مرض الفصام وأسبابه وكيفية تشخيصه وعلاجه وغيرها تفصيلا في هذا المقال، وسنجاوب على بعض أسئلتكم في النهاية.
ما هو مرض الفصام؟
مرض الفصام هو مرض نفسي ذهاني مزمن يصيب الدماغ ويؤثر على كيمياء المخ، فهو يصيب شخصية المريض ككل ويفقده الاتصال الواعي الطبيعي بالواقع الذي يعيش فيه، فأعراض مرض الفصام لا تعني وجود شخصيتين مختلفتين لنفس المريض بل تعني أنه يعيش في عالمه الخاص المنفصل عن الواقع.
ويظن الكثير من الأمور غير الحقيقية مثل أن الموساد الدولي يقوم بمراقبته، أوان قاتل مستأجر يحاول قتله ليل نهار وأنه عليه الهرب والاختباء، وفي الغالب هو لا يكون واعياً لما أصابه وبالتالي فهو لا يطلب المساعدة من أحد.
- إن كنت ما زلت تعتقد إلى الآن إن الفصام هو نفسه انفصام الشخصية فدعنا نفصل لك
ما الفرق بين الفصام والانفصام؟
كما ذكرنا من قبل أن الفصام هو اضطراب يصيب شخصية المريض ككل تجعله ينفصل عن الواقع ويعيش في عالم من الخيالات الغير حقيقية تماماً، بينما الانفصام هو ما شاهدته في الكثير من المسلسلات والأفلام من أن نفس الشخص يعيش بشخصيتين مختلفتين متعاكستين تماماً.
مثل رجل دين في الصباح ممارس للدعارة في المساء، ومريض الانفصام يكون واعياً لما هو فيه في قرارة نفسه بل ويطلب المساعدة ويذهب للعلاج.
- وإن كنت تعتقد أن مريض الفصام هو نفسه مريض الذهان، فدعنا أيضاً نفصل لك
ما الفرق بين الفصام والذهان؟
في الواقع مرض الفصام ومرض الذهان يتصلان ببعضهما نوعاً ما، فمرض الشيزوفرينيا يؤدي إلى الذهان عاجلاً أم آجلا، وبعض العلماء النفسيين يعتبران الذهان هو جزء من الشيزوفرينيا، فالذهان معناه الخيالات والضلالات والهلاوس الحسية والسمعية والبصرية التي غالباً ما تصاحب مرض الفصام بل هي جزء رئيسي من أعراضه كما سنخبرك بعض قليل.
- إقرأ أيضًا: ما هو الذهان واسبابه وعلاجه؟
ما هي أعراض مرض الفصام؟
أعراض مرض الفصام هي جميعها أعراض ذهنية إدراكية، وبالتالي فإن الشخص المريض يعاني من كل مما يأتي:
الهلاوس الحسية والسمعية والبصرية
سماع أصوات غير حقيقة، ورؤية أمور وأضواء وشخصيات لا يراها الآخرون، ولكن تعد الهلاوس السمعية من أكثر أنواع الهلاس وروداً بين مرضى الشيزوفرينيا أو مرضى الفصام.
الضلالات والأوهام
غالباً ما يتوهم مريض الفصام أو الشيزوفرينيا بعض الأمور الغير حقيقة كما ذكرنا من قبل، ومن أمثلتها شعوره أنه مراقب، وأن كلام الناس العادي هو تعليقات موجهة إليه معنية بإيذائه وقتله، وقد يشعر بعض مرضى الفصام بأن لهم قدرة استثنائية وأنهم قادرون على فعل الكثير من الأمور البطولية الخارقة للطبيعة.
التحدث بكلام غير مفهوم وغير منسق
غالباً ما يتحدث مريض الشيزوفرينيا بكلام غير مترابط ولا علاقة له بالواقع ولا يمكن فهمه، بمعنى أنه قد يتحدث عن شيئين مختلفين تماماً للإجابة نفس السؤال، فقد تسأله عن اسمه فيرد عليك بعبارات غريبة غير مترابطة مثل رواد الفضاء ثم جري الأحصنة، وأشياء غريبة من هذا القبيل لا علاقة لها بسؤالك.
القيام ببعض الأفعال أو التصرفات الغير مبررة
غالباً ما تتراوح تصرفات مريض الفصام أو الشيزوفرينيا من القيام ببعض التصرفات الطفولية إلى القيام بتصرفات اندفاعية غير مبررة، وقد تتضمن أيضاً عدم القيام بأي رد فعل تجاه أي نداء أو حديث من الآخرين، أو التحركات السريعة جداً الفجائية.
أعراض سلبية
وهذا المصطلح يقصد به الانسحاب من الجميع وعدم الرغبة في أي نشاط اجتماعي أو حياتي، وقد تشعر بأنه لا يعطي أي رد فعل إطلاقا ولا حتى ينظر إليك عندما تناديه ولا يغير تعابير وجهه ولا نبرة صوته.
- ولكن هل يمكن أن يحدث مرض الفصام في الأطفال، وهل تختلف أعراض مرض الفصام في المراهقين عن البالغين عن كبار السن…لنرى
اعراض مرض الفصام عند الأطفال
- إقرأ أيضًا: ما هي أعراض الاكتئاب الحاد الجسدية والنفسية؟
مرض الفصام في الأطفال هو أمر غير شائع على الإطلاق، ولكنه خطير جداً إذا حدث، فحدوث هذا المرض في هذه السن المبكرة يؤثر بطريقة أو بأخرى على نمو الدماغ وتطورها الفسيولوجي، ويصعب أيضاً تشخيصه إلى الحد الذي لا يستطيع فيه الطبيب أن يعطى فيه بعض الأدوية العلاجية.
وبالأصل أعراض مرض الفصام في الأطفال هي نفس أعراض مرض الفصام في البالغين من سماع هلاوس وكثرة الخيالات والتهيؤات، ولكن يجب أن نلاحظ أن أعراض الفصام في الأطفال تصيب أطوار النمو على النحو الآتي:
- تأخر المشي.
- تأخر في النطق والكلام.
- القيام ببعض الحركات البدنية الغريبة.
- الزحف بطريقة غير صحيحة أو عدم القدرة على الزحف أصلاً.
وحتى لا تقلق ليس كل طفل يتأخر نموه هو مريض فصام، بالطبع لا، ولكن هذه الأعراض قد يكون الفصام أحد أسبابها وليس سببها الوحيد، وكما سبق الذكر أن مرض الفصام في الأطفال يصعب تشخيصه لتشابه أعراضه مع الكثير من الأمراض الأخرى.
اعراض الفصام عند المراهقين
أيضاً مرض الشيزوفرينيا في المراهقين يصعب تشخيصه لتشابه أعراضه كذلك ببعض التصرفات المعتاد عليها في طبيعة المراهقين، فالمراهق يتصف غالباً بالعيش في عالمه الخاص على النحو الآتي:
- التصرفات الغريبة الغير منطقية في أحيان كثيرة.
- قلة الدوافع أو الرغبة في الحياة.
- الانسحاب من الأصدقاء والعائلة.
- ضعف الأداء الدراسي فجأة.
- الاتجاه إلى المخدرات.
- اضطرابات النوم.
- الحزن الدائم.
وإذا قمنا بمقارنة مرض الفصام في المراهقين عن مرض الفصام في البالغين سنجد ما يأتي:
- المراهقين أقل شعوراً بالضلالات والخيالات التي يقاسيها البالغين المصابين بالفصام.
- المراهقين يشعرون بالهلاوس البصرية أكثر بكثير من البالغ المصاب بالفصام.
بالتقدم في السن يبدأ الطفل والمراهق المصاب بالشيزوفرينيا بالدخول في دائرة الخيالات والضلالات والتهيؤات والبعد أكثر عن الواقع، والقرب من العيش في العالم الخاص المليء بالأمور الغير حقيقية.
اعراض الفصام عند كبار السن
أعراض الفصام تقل في كبار السن خاصة من يشعرون بالدعم العاطفي الأسري من أبنائهم أو المحيطين بهم، فرؤيتهم لبعض الهلاوس وكثرة الخيالات التي كانت عندهم من قبل تقل كثيرا، ويسهل التحكم بها مع الأدوية النفسية الموصوفة،
والتفسير الطبي في هذا أن نسبة الدوبامين تقل مع التقدم في السن، مما يساهم في تقليل وطأة الاندفاع الحركي والاضطراب الذهني المتمثل في الشعور بالكثير من الأوهام والضلالات والخيالات.
ولكن توجد بعض الأسباب الداعية لتقليل حدة أعراض مرض الفصام في كبار السن مثل:
- الإناث المتزوجات أقل وطأة من الرجال كبار السن.
- الشعور بالمرض في العقد الرابع من العمر خير من بدء المرض في العقد الثاني أو الثالث من العمر.
- التوجه للعلاج في بداية المرض يساهم بشكل كبير في تقليل حدة الأعراض حال التقدم في السن، وبناء على بعض الإحصائيات الحديثة ما يقرب من 40% إلى 60% من مرضى الفصام المتقدمين في السن تم شفاؤهم من أغلب الأعراض الفصامية التي كانوا يشعرون بها.
كيفية تشخيص أمراض الفصام؟
- إقرأ وشاهد بالفيديو: أعراض القلق النفسي العام والحاد للنساء والرجال
- مريض الفصام كما سبق القول لا يشعر بمرضه إلى حد كبير، وبالتالي هو لا يطلب المساعدة ممن حوله، لكن إذا شعرت بأن أحد القريبين منك يمر بهذه الأزمة النفسية عليك أن تتوجه إليه بالحديث الودي، وإظهار قلقك ورغبتك في الذهاب للطبيب للعلاج والتشخيص.
ويعتمد تشخيص الطبيب لمرض الفصام على وجود عرضين على الأقل من الأعراض السابق ذكرها في البالغين.
ما هي اسباب مرض الفصام؟
تعد أسباب الفصام غير معروفة إلى الآن ولكن توجد بعض العوامل التي تزيد من نسبة الإصابة بالمرض وهي:
- وجود تاريخ عائلي مرضي بالفصام.
- اضطرابات نمو الدماغ مثل: تعرض الشخص للإصابة ببعض الفيروسات عندما كان جنيناً.
- تعاطي بعض المواد المخدرة أو الأدوية ذات التأثير النفسي في فترة المراهقة.
نسبة انتشار الفصام في العالم؟
لا تظن أن مرض الفصام ليس شائعاً أو أنه غير وارد الحدوث، فبناء على بعض الإحصائيات الحديثة ما يقرب من 1مليون و800 ألف شخص تم تشخيصهم بالفصام أو الشيزوفرينيا العام الماضي.
علاج مرض الفصام
بداية علينا أن نعلم أن مرض الشيزوفرينيا هو مرض مزمن، بمعنى آخر أنه يتم علاجه طوال الحياة ويجب أن يعرف أهل المريض هذا الأمر ويراعون أن أعراض الفصام أعراض مستمرة معهم ومن الأفضل أن يتعاشون معها، والجدير بالذكر أن الاستمرار في العلاج وتناول الأدوية المضادة للذهان غالباً ما يستمر حتى بعد هدوء الأعراض الفصامية إلى حد ما.
وكما هو معلوم أن الأمراض النفسية الذهانية ينقسم علاجها إلى العلاج النفسي السلوكي والعلاج الدوائي العلاجي، ولكن في حال مرض الفصام نجد أن العلاج الدوائي هو الأساس العلاجي الذي يتم به الوصول إلى نتائج جيدة للتعافي، بمعنى آخر أن مريض الفصام لن يتم شفاؤه بالعلاج النفسي والجلسات العلاجية دون تناول الأدوية الخاصة بهذا الأمر.
- إقرأ أيضًأ: ما هي أهم علامات الاكتئاب الحاد عند الرجال؟
الأدوية العلاجية المستخدمة في علاج الفصام
أولاً: الجيل الأول من مضادات الذهان
العائلة الأساسية التي تستخدم في علاج الفصام هي عائلة مضادات الذهان، ولها أكثر من جيل فالجيل الأول من عائلة مضادات الذهان تمتاز بقدرتها على العلاج الفعال، ولكن هي أيضاً معروفة بالأعراض الجانبية القوية التي من الممكن أن تتسبب فيها، ومن أمثلتها:
- Chlorpromazine
- Fluphenazine
- Haloperidol
- Perphenazine
ثانياً: الجيل الثاني من مضادات الذهان
زاد كثيراً التوجه للجيل الثاني من مضادات الذهان، نظراً لكثرة وخطورة الأعراض الجانبية التي يتسبب فيها الجيل الأول من مضادات الذهان، فهي أكثر كفاءة وأقل خطورة، ومن أمثلتها:
- Aripiprazole
- Asenapine
- Brexpiprazole
- Cariprazine
- Clozapine
- Iloperidone
- Lurasidone
ثالثاً: مضادات الاكتئاب ومضادات القلق
بعض الأدوية النفسية الأخرى غالبا ما توصف مع مضادات الذهان للحد من بعض الأعراض النفسية المصاحبة للفصام.
العلاج النفسي لمرضى الفصام
أيضاً تساهم الجلسات النفسية الاستشارية في المساعدة للوصول للتعافي، ويتمثل العلاج النفسي المستخدم للفصام في كل مما يأتي:
1- العلاج الفردي
للمريض المصاب والتي تساعده على التغلب على بعض الأعراض القوية، وبعض أعراض الانتكاسة بعد العلاج، والتي تمكنه من طلب المساعدة في حال شعوره بأحد هذه الأعراض.
2- العلاج الأسري
والتي تهدف إلى الوصول للدعم الأسري للمريض ومساعدته على مواكبة المرض وأعراضه.
3- تطوير المهارات المجتمعية
والتي تساعد على التغلب على الاعراض السلبية التي يشعر فيها المريض بعدم القدرة أو الرغبة في التعامل مع المحيطين، وعدم الاستجابة أو التفاعل لأي فعل يحدث حوله.
- وأحيانا قد يحتاج مريض الفصام إلى دخول المستشفى لبعض الوقت في حال اشتداد الأعرض، للتأكد من الالتزام بالعلاج والحفاظ على سلامته.
مدة علاج مرض الفصام
كما قلنا قبل هذا مرض الفصام مرض مزمن يستمر طيلة الحياة، ولكنه مثله مثل أي مرض مزمن آخر يمكن التعايش مع أعراضه، ودور الأدوية العلاجية هي تقليل هذه الأعراض قدر المستطاع لكي نمكن الشخص والمحيطين به من التعايش معها،
والجدير بالذكر أن هذا ليس مستحيلاً بالعكس بناء على بعض الإحصائيات الأمريكية هناك شخص من كل خمسة أشخاص مصابون بالفصام ويتوجهون للعلاج يتم شفاؤهم من أغلب الأعراض الذهانية المصاحبة في خلال خمس سنوات.
ما هي أعراض انتكاسة الفصام؟
قد تسير الأمور على ما يرام بعضاً من الوقت بعد الالتزام بالعلاج إلى الحد الذي يهيأ لمريض الشيزوفرينيا أو لأهله أنه بخير ويمكن أن يتوقف عن متابعة علاجه، ولكن الوصول لهذه النقطة قد تهدم سنوات العلاج وتؤدي إلى الانتكاسة مرة أخرى، حيث يظهر على المريض هذه الأعراض:
- صعوبة التركيز.
- الشعور بالتوتر والحزن.
- التعب المفرط أو الإرهاق الشديد.
- فقدان الاهتمام بالأنشطة الحياتية.
- التصرفات الاندفاعية أو التصرف بغضب.
- عدم الشعور بالراحة الجسدية حتى أثناء النوم.
أسئلة شائعة
مرض الفصام من الأمراض التي يدور حولها العديد من التساؤلات وعلامات التعجب، وسنجيبك عن بعض هذه الأسئلة قدر المستطاع
- هل مريض الفصام مجنون؟
كما قلنا من قبل الأعراض الفصامية هي أعراض ذهانية فالضلالات والتهيؤات وكثرة الخيالات توحي للمحيطين بأنه مجنون، ولكن مريض الفصام يمكن التعايش معه ويستطيع التعامل مع الآخرين، وليس دائماً ما يكون في هذا الحال، كما أن الأفكار الجنونية التي تصيب الشخص تظهر بعد فترة من ظهور المرض وليس في البداية.
- هل مريض الفصام مؤذي؟
مريض الفصام ليس خطراً أو مؤذياً بل يمكن التعايش معه، وغالب مرضى الفصام يعيشون مع عائلاتهم طبيعياً.
- هل مريض الفصام يستطيع الزواج؟
مريض الشيزوفرينيا يجد صعوبة كبيرة في العلاقات الإنسانية والتعامل معها جيداً فهو يعاني من الأعراض السلبية التي سبق أن تحدثنا عنها والتي تتمثل في الانسحاب من الآخرين وانعدام ردود الأفعال، مع العلم أن بعضهم يستطيع بعد فترة من العلاج الزواج والتعايش الغير مؤذي مع الآخرين والتعامل الجيد مع العلاقات الأسرية المحيطة به، ولكن ربما يجدر بنا لفت انتباهك إلى احتمالية حدوث انتكاس والعودة مرة أخرى للأعراض الذهانية الفصامية حال التوقف عن العلاج أو حدوث أمر عارض على العلاج. يمكنك قراءة المقالة الكاملة من هنا عن العلاقة بين مرض الفصام والزواج.
- هل يمكن علاج الفصام بدون دواء؟
ليس ممكناً بل هو مستحيل، فواحد من الأسباب المحتملة لحدوث مرض الفصام هو التغييرات الكيميائية للنواقل العصبية في الدماغ مثل الدوبامين، وتعمل مضادات الذهان على هذا الجزء تحديداً، فهي تحاول الحفاظ على النواقل العصبية وعدم تكسيرها بالإنزيمات سريعا، وأثبت الجيل الثاني من مضادات الذهان كفاءته في العلاج مع تقليل شدة الأعراض الجانبية، هذا إذا كان ما يقلقك هو الأعراض الجانبية.